منوعات
أخر الأخبار

الأنظمة الغربية وحقوق الإنسان بين الشعارات والممارسات

 

تتخذ الأنظمة الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، من قيم حقوق الإنسان والليبرالية والديمقراطية شعارات ترفعها لتبرير سياساتها الخارجية. وعلى الرغم من ادعائها حماية الحريات والعدالة، فإن تاريخها مليء بالتدخلات العسكرية والاقتصادية التي خلفت دمارًا واسعًا في العديد من الدول. وفي الوقت نفسه تتجاهل هذه الأنظمة انتهاكات حقوق الإنسان عندما تتعارض مع مصالحها، كما هو واضح في دعمها المطلق لإسرائيل خلال حربها على غزة، والتي توصف بأنها إبادة جماعية بحق الفلسطينيين.

هذا المقال يتناول كيف بنت الأنظمة الغربية صورة نفسها كحامية لحقوق الإنسان، وكيف استخدمت هذه الصورة لتبرير تدخلاتها في شؤون الدول الأخرى، ثم يناقش ازدواجية المعايير في تعاملها مع الحرب على غزة.

– بناء صورة الغرب كحام لحقوق الإنسان

1. الليبرالية وحقوق الإنسان كأداة دعائية

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، عملت الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا على تعزيز صورة الغرب كمنارة للحرية والديمقراطية. تم استخدام الإعلام والمنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، لنشر هذه الرواية. فعلى سبيل المثال:

– تبنت الولايات المتحدة “مبدأ ويلسون” حول حق الشعوب في تقرير مصيرها، لكنها تدخلت في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا لضمان ولاء هذه الدول لمصالحها.

– استخدمت الحرب الباردة كذريعة لدعم أنظمة ديكتاتورية تحت شعار “مواجهة” الشيوعية”، مثل دعم بينوشيه في تشيلي وصدام حسين في العراق.

2 التدخلات العسكرية تحت شعار حماية حقوق الإنسان

زعمت الولايات المتحدة وحلف الناتو أن تدخلاتهم في دول مثل يوغوسلافيا (1999) وليبيا (2011) كانت لوقف انتهاكات حقوق الإنسان. لكن النتائج كانت كارثية

– في العراق (2003)، ادعت الولايات المتحدة امتلاك أسلحة دمار شامل كذريعة للغزو، مما أدى إلى مقتل مئات الآلاف وتدمير البنية التحتية.

– في أفغانستان (2001-2021) ، فشلت الجهود الأمريكية في بناء ديمقراطية حقيقية، وانهارت البلاد تحت حكم طالبان مرة أخرى.

ويتضح بشكل جلي مدى ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب في تعاملاته الدولية المختلفة من خلال نقطتين وهما :

* دعم الأنظمة الاستبدادية عندما تخدم المصالح الغربية في حين تدعي الدفاع عن الديمقراطية، فإن الولايات المتحدة تدعم أنظمة قمعية طالما ان هذا الدعم يصب في مصالحها ولا يؤثر على أمنها القومي

تجاهل الانتهاكات الإسرائيلية

إسرائيل هي أكبر مثال على ازدواجية المعايير الغربية

– منذ 1948 ، تواصل إسرائيل سياسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين بدعم غربي كامل.

– تمتلك إسرائيل أسلحة نووية، لكن الغرب يتغاضى عن ذلك بينما يفرض عقوبات على دول مثل إيران

الجرائم الإسرائيلية في غزة

منذ أكتوبر 2023 ، شنت إسرائيل حربًا شاملة على غزة، نتج عنها:

– مقتل عشرات الآلاف، معظمهم مدنيون بما في ذلك آلاف الأطفال.

– تدمير البنية التحتية والمستشفيات والمدارس، مما يعد انتهاكا صريحًا للقانون الدولي.

– حصار شامل يحرم السكان من الغذاء والدواء، في سياسة تعرف قانونيا كإبادة جماعية.

كما تقوم واشنطن بتوفير الأسلحة والدعم السياسي لإسرائيل، بل وتستخدم الفيتو في الأمم المتحدة لحمايتها من المساءلة. ولا يتوانى الإعلام الغربي بان يقدم الرواية الإسرائيلية دون تحقق ويتجاهل معاناة الفلسطينيين. ويمكن القول أن هذا الدعم اللامشروط ينطلق من سببين رئيسيين.
1.. المصالح الجيوسياسية

– إسرائيل حليف استراتيجي في الشرق الأوسط لمواجهة إيران والمقاومة الإسلامية.

– اللوبي الصهيوني في أمريكا يؤثر بقوة على السياسة الخارجية.

2 العنصرية والاستعلاء الغربي

– الفلسطينيون مسلمون وعرب، مما يجعل حقوقهم أقل أهمية في نظر النخب الغربية.

– الرواية الصهيونية تقدم إسرائيل كـ “دولة ديمقراطية” بينما يتم تصوير الفلسطينيين كإرهابيين.

ختاماً

لطالما استخدمت الأنظمة الغربية شعارات حقوق الإنسان لتبرير هيمنتها على العالم، لكن سجلها يثبت أنها تختار انتقائيا متى تطبق هذه المبادئ الحرب على غزة كشفت زيف الادعاءات الغربية وأسقطت عنها الأقنعة، حيث يتم دعم إسرائيل رغم ارتكابها جرائم حرب وإبادة جماعية.

لا بد للعالم أن يدرك أن حقوق الإنسان في السياسة الغربية مجرد أداة، وأن العدالة الحقيقية تتطلب فضح هذه الازدواجية ومحاسبة كل المجرمين، بغض النظر عن تحالفاتهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى